من حاله أَنَّهُ يسمع ذَلِكَ الْكَلام فيكون فتنة لَهُ إِمَّا لتوهمه أَنَّهُ وقته ولا يَكُون أَوْ لأنه يحمل نَفْسه مَا لا يطيق فيرحمه اللَّه تَعَالَى بأن يحفظ سمعه عَن ذَلِكَ الْكَلام إِمَّا صيانة لَهُ أَوْ عصمة عَن غلطه، وَقَالَ مشايخ هذه الطريقة: رُبَّمَا يَكُون السبب فِيهِ حضور من لَيْسَ بأهل لسماعه من الجن إذ لا تخلو مجالس الْقَوْم من حضور جَمَاعَة من الجن.

سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: اعتللت مرة بمرو فاشتقت أَن أرجع إِلَى نيسابور فرأيت فِي المنام كأن قائلا يَقُول لي لا يمكنك أَن تخرج من هَذَا البلد فَإِن جَمَاعَة من الجن قَد استحلوا كلامك ويحضرون مجلسك فلأجلهم تجلس ههنا.

وَقَالَ بَعْض الحكماء: إِنَّمَا خلق للإِنْسَان لسان واحد وعينان وأذنان ليسمع ويبصر أَكْثَر مِمَّا يَقُول.

ودعى إِبْرَاهِيم بْن أدهم إِلَى دعوة فلما جلس أخذوا فِي الغيبة فَقَالَ: عندنا يؤكل اللحم بَعْد الخبز وأنتم ابتدأتم بأكل اللحم أشار إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12] وَقَالَ بَعْضهم: الصمت لسان الحلم، وَقَالَ بَعْضهم: تعلم الصمت كَمَا تتعلم الْكَلام فَإِن كَانَ الْكَلام يهديك فَإِن الصمت يقيك.

وقيل: عفة اللسان صمته، وقيل: مثل اللسان مثل السبع إِن لَمْ توثقه عدا عليك.

وسئل أَبُو حفص أي الحالين للولي أفضل الصمت أَوِ النطق؟ فَقَالَ: لو علم الناطق مَا آفة النطق لصمت إِن استطاع عُمَر نوح ولو علم الصامت مَا آفة الصمت لسأل اللَّه تَعَالَى ضعفى عُمَر نوح حَتَّى ينطق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015