وَقَالَ أَيْضًا: الزهد سلو القلب عَنِ الأسباب ونفض الأيدي من الأملاك وقيل الزهد عزوف النفس عَنِ الدنيا بلا تكلف.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت النصرأباذي يَقُول: الزاهد غريب فِي الدنيا والعارف غريب فِي الآخرة.
وقيل: من صدق فِي زهده أتته الدنيا راغمة.
ولهذا قيل لو سقطت قلنسوة من السماء لما وقعت إلا عَلَى رأس من لا يريدها.
وَقَالَ الجنيد: الزهد خلو القلب عما خلت منه اليد.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الداراني: الصوف علم من أعلام الزهد فلا ينبغي أَن يلبس صوفا بثلاثة دراهم وَفِي قلبه رغبة خمسة دراهم.
وَقَد اختلف السلف فِي الزهد فَقَالَ سُفْيَان الثوري وَأَحْمَد بْن حنبل وعيسى بْن يُونُس وغيرهم: الزهد فِي الدنيا إِنَّمَا هُوَ قصر الأمل، وَهَذَا الَّذِي قالوه يحمل عَلَى أَنَّهُ من أمارات الزهد والأسباب الباعثة عَلَيْهِ والمعاني الموجبة لَهُ، وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن الْمُبَارَكِ: الزهد هُوَ الثقة بالله تَعَالَى مَعَ حب الفقر وَبِهِ قَالَ شقيق البلخي ويوسف بْن أسباط، وَهَذَا أَيْضًا من أمارات الزهد فَإِنَّهُ لا يقوى العبد عَلَى الزهد إلا بالثقة بالله تَعَالَى.
وَقَالَ عَبْد الْوَاحِد بْن زَيْد: الزهد ترك الدينار والدرهم.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الداراني: الزهد ترك مَا يشغل عَنِ اللَّه تَعَالَى.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت أَحْمَد بْن عَلِيّ يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم بْن فاتك يَقُول: سمعت الجنيد وَقَدْ سَأَلَهُ رويم عَنِ الزهد فَقَالَ: استغفار الدنيا ومحو آثارها من القلب.