ومن ذَلِكَ النفس نفس الشيء فِي اللغة وجوده وعند الْقَوْم لَيْسَ المراد من إطلاق لفظ النفس الوجود ولا القالب الموضوع إِنَّمَا أرادوا بالنفس مَا كَانَ معلولا من أوصاف العبد ومذموما من أخلاقه وأفعاله ثُمَّ إِن المعلولات من أوصاف العبد عَلَى ضربين: أحدهما يَكُون كسبا لَهُ كمعاصيه ومخالفاته.
وَالثَّانِي أخلاقه الدنيئة فَهِيَ فِي أنفسها مذمومة فَإِذَا عالجها العبد ونازلها تنتفي عَنْهُ بالمجاهدة تلك الأخلاق عَلَى مستمر العادة والقسم الأَوَّل من أحكام النفس مَا نهي عَنْهُ نهي تحريم أَوْ نهي تنزيه وَأَمَّا القسم الثَّانِي من قسمي النفس فسفساف الأخلاق والدنئ منها هَذَا حده عَلَى الجملة ثُمَّ تفصيلها فالكبر والغضب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الاحتمال وغير ذَلِكَ من الأخلاق المذمومة وأشد أحكام النفس وأصعبها توهمها أَن شَيْئًا منها حسن أَوْ أَن لَهَا استحقاق قدر ولهذا عد ذَلِكَ من الشرك الخفي ومعالجة الأخلاق فِي ترك النفس وكسرها أتم من مقاساة الجوع والعطش والسهر وغير ذَلِكَ من المجاهدات الَّتِي تتضمن سقوط القوة وإن كَانَ ذَلِكَ أيضًا من جملة ترك النفس ويحتمل أَن تكون النفس لطيفة مودعة فِي هَذَا القالب هِيَ محل الأخلاق المعلومة