ومن ذَلِكَ لفظ الشاهد كثيرا مَا يجرى فِي كلامهم لفظ الشاهد فُلان يشاهد العلم وفلان يشاهد الوجد وفلان يشاهد الحال ويريدون بلفظ الشاهد مَا يَكُون حاضر قلب الإِنْسَان وَهُوَ مَا كَانَ الغالب عَلَيْهِ ذكره حَتَّى كَأَنَّهُ يراه ويبصره وإن كَانَ غائبا عَنْهُ فَكُل مَا يستولي عَلَى قلب صاحبه ذكره فَهُوَ يشاهده فَإِن كَانَ الغالب عَلَيْهِ العلم فَهُوَ يشاهد العلم وإن كَانَ الغالب عَلَيْهِ الوجد فَهُوَ
يشاهد الوجود ومعنى الشاهد الحاضر فَكُل مَا هُوَ حاضر قلبك فَهُوَ شاهدك.
وسئل الشبلي عَنِ المشاهدة فَقَالَ: من أين لنا مشاهدة الحق؟ الحق لنا شاهد، أشار بشاهد الحق إِلَى المستولي عَلَى قلبه والغالب عَلَيْهِ من ذكر الحق والمحضار فِي قلبه دائما من ذكر الحق ومن حصل لَهُ مَعَ مخلوق تعلق بالقلب يقال إنه شاهده يَعْنِي أَنَّهُ حاضر قلبه فَإِنَّهُ المحبة توجب دوام ذكره المحبوب واستيلائه عَلَيْهِ وبعضهم تكلف فِي مراعاة هَذَا الاشتقاق فَقَالَ: إِنَّمَا سمي الشاهد من الشهادة فكأنه إِذَا طالع شخصا يُوسُف الجمال فَإِن كانت بشريته ساقطة عَنْهُ وَلَمْ يشغله شهود ذَلِكَ الشخص عما هُوَ بِهِ من الحال ولا أثرت فِيهِ صحبته بوجه فَهُوَ شاهد لَهُ عَلَى فناء نَفْسه ومن أثر فِيهِ ذَلِكَ فَهُوَ شاهد عَلَيْهِ فِي بقاء نَفْسه