ومن كلامهم: الوقت سَيْف، أي: كَمَا أَن السَيْف قاطع، فالوقت بِمَا يمضيه الحق ويجريه غالب.
وقيل: السَيْف لين مسه قاطع حده، فمن لاينه سلم، ومن خاشنه اصطلم، كَذَلِكَ الوقت من استسلم لحكمه نجا، ومن عارضه انتكس وتردى، وأنشدوا فِي ذَلِكَ:
وكالسَيْف إِن لاينته لان مسه ... وحداه إِن خاشنته خشنان
ومن ساعده الوقت فالوقت لَهُ وقت، ومن ناكده الوقت فالوقت عَلَيْهِ مقت.
وسمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق، يَقُول: الوقت مبرد يسحقك ولا يمحقك، يَعْنِي: لو محاك وأفناك لتخلصت حِينَ فنيت، لكنه يأخذ منك ولا يمحوك بالكلية، وَكَانَ ينشد فِي هَذَا المعنى:
كُل يَوْم يمر يأخذ بعضي ... يورث القلب حسرة ثُمَّ يمضي
وَكَانَ ينشد أيضًا:
كأهل النار إِن نضجت جلود ... أعيدت للشقاء لَهُمْ جلود
وَفِي معناه:
لَيْسَ من مَات فاستراح بميت ... إِنَّمَا الميت ميت الأحياء
والكيس من كَانَ يحكم وقته إِن كَانَ وقته الصحو فقيامه بالشريعة، وإن كَانَ وقته المحو فالغالب عَلَيْهِ أحكام الحقيقة،