ببعض في العذاب، فإن مصائب الدنيا إذا عمت صارت مسلاة، وتأسى بعض المصابين ببعض كما قالت الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أسلي النفس عنه بالتأسي
فهذا الروح الحاصل من التأسي معدوم بين المشتركين في العذاب يوم القيامة.
طريق السفر
وأما طريقه: فهو بذل الجهد واستفراغ الوسع، فلا يُنال بالمني، ولن يدرك بالهوينا، وإنما هو كما قيل:
فخض غمرات الموت واسمُ إلى العلا ... لكي تدرك العز الرفيع الدائم
فلا خير في نفس تخاف من الردى ... ولا همة تصبو إلى لوم لائم
ولا سبيل إلى ركوب هذا الظهر إلا بأمرين:
أحدهما: أن لا يصبو في الحق إلى لوم لائم فان اللوم يصيب الفارس فيصرعه عن فرسه ويجعله صريعا في الأرض.
والثاني: أن تهون عليه نفسه في الله، فيقدم حينئذ ولا يخاف الأهوال فمتى خافت النفس تأخرت وأحجمت وأخلدت إلى الأرض، ولا يتم له هذان