فهذا حكم الإتباع والمتبوعين المشركين في الضلالة. وأما الأتباع المخالفون لمتبوعيهم، العادلون عن طريقتهم الذين يزعمون أنهم لهم تبع وليسوا متبعين لطريقتهم، فهم المذكورون في قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} ، فهؤلاء المتبوعون كانوا على هدى وأتباعهم ادعوا أنهم كانوا على طريقتهم ومنهاجهم، وهم مخالفون لهم سالكون غير طريقتهم، يزعمون أنهم يحبونهم وأن محبتهم لهم تنفعهم مع مخالفتهم، فيتبرءون منهم يوم القيامة فإنهم اتخدوهم أولياء من دون الله وظنوا أن هذا الاتخاذ ينفعهم.
وهذه حال كل من اتخد من دون الله ورسوله وليجة وأولياء، يوالي لهم ويعادي لهم، ويرضى لهم ويغضب لهم فان أعماله كلها باطلة يراها يوم القيامة حسرات عليه مع كثرتها وشدة تعبه فيها ونصبه، إذ لم يجرد موالاته ومعاداته، ومحبته وبغضه، وانتصاره وإيثاره لله ورسوله فأبطل الله عز وجل ذلك العمل كله وقطع تلك الأسباب، فينقطع يوم القيامة كل وصلة ووسيلة ومودة وموالاة كانت لغير الله تعالى، ولا يبقى إلا السبب