فهذه كلها صفات كمال لا يستحقها إلا هو، فما لا يستحقه إلا هو كيف يكون كمالاً من غيره وهو معدوم لغيره؟ فمن ادعاه كان مفتريًا منازعًا للربوبية في خواصها، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى: العَظَمَةُ إزاري، والكبرياء رِدَائي، فمن نازعني واحدًا منهما عَذَّبْتُهُ ".
وجملة ذلك: أن الكمال المختص بالربوبية ليس لغيره فيه نصيب، فهذا تحقيق اتصافه بالكمال الذي لا نصيب لغيره فيه، ومثل هذا الكمال لا يكون لغيره، فادعاؤه منازعة للربوبية، وفِرْيَةٌ على الله.
ومعلوم أن النبوة كمال للنبي، وإذا ادعاها المفترون كمُسَيْلَمَةَ وأمثاله كان ذلك نقصًا منهم؛ لا لأن النبوة نقص، ولكن دعواها ممن ليست له هو النقص، وكذلك لو ادعى العلم والقدرة والصلاح من ليس متصفًا بذلك، كان مذمومًا ممقوتًا، وهذا يقتضي أن الرب تعالى متصف بكمال لا يصلح للمخلوق، وهذا لا ينافى أن ما كان كمالاً للموجود من حيث هو موجود، فالخالق أحق به، ولكن يفيد أن الكمال الذي يوصف به المخلوق بما هو منه إذا وصف الخالق بما هو منه، فالذي للخالق لا يماثله ما للمخلوق ولا يقاربه.
وهذا حق، فالرب تعالى مستحق للكمال مختص به على وجه لا يمثاله فيه شىء، فليس له سَمِيٌّ ولا كُفْؤ، سواء كان الكمال مما لا يثبت منه شىء للمخلوق كربوبية العباد