الرسائل للجاحظ (صفحة 969)

القلوب المختلفة، والأجناس المتباينة، والأهواء المتفرقة، وأنك اعترضت على هذا المتكلم المستبد، وعلى هذا القائل المتكلف الذي قسم هذه الأقسام، وخالف بين هذه الأركان، وفضل بين أنسابهم. وأنك أنكرت ذلك عليه أشد الإنكار، وقذعته أشد القذع.

وزعمت أنهم لم يخرجوا من الاتفاق، أو من شيء يقرب من الاتفاق، وأنك نفيت التباعد في النسب، والتباين في السبب.

وقلت: بل أزعم أن الخراساني والتركي أخوان، وأن الحيز واحد، وأن حكم ذلك الشرق، والقضية على ذلك الصقع متفق غير مختلف، ومتقارب غير متفاوت، وأن الأعراق في الأصل إن لا تكن كانت راسخة، فقد كانت متشابهة، وحدود البلاد المشتملة عليهم إن لا تكن متساوية فإنها متناسبة، وكلهم خراساني في الجملة، وإن تميزوا ببعض الخصائص، وافترقوا ببعض الوجوه.

وزعمت أن اختلاف التركي والخراساني ليس كاختلاف ما بين الرومي والصقلبي، والزنجي والحبشي، فضلاً على ما هو أبعد جوهراً، وأشد خلافاً، بل كاختلاف ما بين المدري والوبري، والبدوي والحضري، والسهلي والجبلي، وكاختلاف ما بين من نزل البطون وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015