كنت في طولك غاية للعالمين، وفي عرضك مناراً للمضلين.
وقد تظلم المربوع مثلي من الطويل مثل عمر، ومن القصير مثل عمرو إذ زعم أنه أفرط في الرشاقة ونسب إلى القضاضة، لأن إفراط عرضه غمر الاعتدال من طوله، وكلاهما يحتاج إلى الاعتذار، ويفتقر إلى الاعتدال.
والمربوع بحمد الله تعالى قد اعتدلت أجزاؤه في الحقيقة، كما اعتدلت في المنظر، فقد استغنى بعز الحقيقة عن الاعتذار، وبحكم الظاهر عن الاعتلال.
وقد سمعنا من يذم الطوال كما سمعنا من يزري على القصار، ولم نسمع أحداً ذم مربوعاً ولا أزرى عليه، ولا وقف عنده ولا شك فيه. ومن يذمه إلا من ذم الاعتدال، ومن يزري عليه إلا من أزرى على الاقتصاد، ومن ينصب للصواب الظاهر إلا المعاند، ومن يماري في العيان إلا الجاهل؛ بل من يزري على أحد بتفاقم التركيب،