وقال الفضل بن العباس بن رزين: أتانا ذات يوم فرسانٌ من الترك، فلم يبق أحد ممن كان خارجاً إلا دخل حصنه وأغلق بابه، وأحاطوا بحصن من ذلك الحصون، وأبصر فارسٌ منهم شيخاً يطلع إليهم من فوق، فقال له التركي: لئن لم تنزل إلي لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحدا! قال: فنزل إليه وفتح له الباب، ودخلوا الحصن، واكتسحوا كل شيء فيه، فضحك من نزوله إليه وفتحه له وهو في أحصن موضع وأمنع مكان، ثم أقبل به إلى حصن أنا فيه فقال: اشتروه مني. قلنا: لا حاجة لنا في ذلك. قال: فإني أبيعه بدرهم واحد. فرمينا إليه بدرهم فخلى سبيله، ثم أدبر عنا ومضى مع أصحابه، فما لبث إلا قليلاً حتى عاد إلينا فوقف حيث نسمع كلامه، فراعنا ذلك، فأخرج الدرهم من فمه وكسره بنصفين. وقال: لا يسوى درهما، وهذا غبن فاحش، فخذوا هذا النصف، وهو على كل حال غالٍ جداً بالنصف الآخر.

قال: فإذا هو أظرف الخلق.

قال: وكنا نعرف ذلك الرجل بالجبن، وقد كان سمع باحتيال الترك في دخول المدن وعبور الأنهار في الحروب، فتوهم أنه لم يتوعد بفتح الباب.

وقال ثمامة: ما شبهت الذر إلا بالترك؛ لأن كل ذرة على حدتها معها من المعرفة بادخار الطعم، ومن الشم والاسترواح، ونجب المدّخر حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015