الرسائل للجاحظ (صفحة 777)

وقال آخر: الكريم يحنُّ إلى جنابه، كما يحنُّ الأسد إلى غابه.

وقال آخر: الجالي عن مسقط رأسه ومحلِّ رضاعه، كالعير الناشط عن بلده، الذي هو لكل سبعٍ قنيصة، ولكل رامٍ دريئة.

وقال آخر: تربة الصبا تغرس في القلب حرمة وحلاوة، كما تغرس الولادة في القلب رقَّةً وحفاوة.

وقال آخر: أحقُّ البلدان بنزاعك إليه بلدٌ أمصَّك حلب رضاعه.

وقال آخر: إذا كان الطائر يحنُّ إلى أوكاره، فالإنسان أحقُّ بالحنين إلى أوطانه.

وقالت الحكماء: الحنين من رقة القلب، ورقة القلب من الرِّعاية، والرِّعاية من الرَّحمة، والرَّحمة من كرم الفطرة، وكرم الفطرة من طهارة الرَّشدة، وطهارة الرَّشدة من كرم المحتد.

وقال آخر: ميلك إلى مولدك من كرم محتدك.

وقال آخر: عسرك في دارك أعز لك من يُسرك في غربتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015