الرسائل للجاحظ (صفحة 747)

جميعاً، قال الله سبحانه: " والخيْلَ والبغالَ والحْمير لترْكبُوها "، أفتظنُّون أنه ذكر إنعامه عليهم بما خوَّلهم من المراكب، فذكر البغال والحمير وترك البراذين؟ فأما أبو إسحاق فإنه قال: هذا الحديث مختلفٌ فيه، وله أسانيد طوال، ورجالٌ ليسوا بمشهورين من الفقهاء بحمل صحيح الحديث. ويجوز أن ينهى عن إنزاء الحمير على الحجور والرِّماك جميعاً، فإن جلب جالب ذلك النِّتاج جاز بيعه وابتياعه، وملْكه وعتقه. وخصاؤه في الأصل حرام.

وقد أهدى المُقوقس عظيم القبْط إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم خصيَّاً؛ وكان هذا الخصيّ أخا مارية أمّ إبراهيم ابن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقبل هديَّته، وأرسل إليه ببغلة من نتاج ما بين حجْر وعيْر، وليس في هذين الكلام، إنما الكلام في الإخصاء وحده، والإنزاء وحده في أصل العمل، فإما إذا ما تمّ الأمر بينهما، فإن بيعهما وابتياعهما حلال.

قال: ولا نترك قولاً عامّاً قاله الله تعالى في كتابه ونصَّه، لحديثٍ لا ندري كيف هو، وقد قال الله جلّ وعزّ، وهو يريد إذْكار الناس نعمهُ السابغة، وأياديه المجلِّلة حين عدَّد عليهم، فقال: " والخيل والبغال والحمير لترْكبوها "؛ فمن أين جاز لنا أن نخصَّ شيئاً دون شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015