إليه بالرأي الذي يحسم به من أسباب قوّة المسوِّدة، كتب بذلك إلى يزيد، فكان يزيد لا يرفع خبره ولا يمدّه بالرجال، طمعاً في أن يُهزْم أو يُقتل، ونسى يزيد أن غلبة أبي مُسلم على خراسان، سببٌ لغلبته على الجبال، وإذا استحكم له ذلك، لم يكن له همّة إلا صاحب العراق. فلما طوى أخبار نصر، سدَّ وجه الرأي والتدبير على مروان، حتى كان الذي كان.
قالوا: ولما بلغ المأمون اختلاطٌ من حال البريد، وجّه ثُمامة بن أشرس، ليتعرَّف له ذلك. فلما رجع إليه وسأله، قال: يا أمير المؤمنين، تركت بغلاً على مِعْلف كذا وكذا وهو يقرأ: " وما من دابَّةٍ في الأرض إلاَّ على الله رزْقها ".
ومررت بسكّة أُخرى، فإذا بغلٌ قد عدا على رجل عليه طيْلسانٌ أخضر، يظنّه حُزْمة علف، فعدا الرجل وعدا خلفه البغل، فصحْت بالرجل: اطرح الطيلسان! فلما طرحه وقف البغل يشمّه.
ومررت بسكَّة أخرى، وإذا على المعْلف بغلٌ، وإذا هو يغنِّي:
ولقدْ أبيت على الطَّوى وأظلُّهُ ... حتَّى أنال به كريم المأكلِ