بسم الله الرحمن الرحيم
حفظك الله وأبقاك وأمتع بك.
قد قرأت كتابك ومدحتك أخلاق الكتّاب وأفعالهم، ووصْفك فضائلهم وأيّامهم، وفهمته.
ومتى وقع الوصف من القائل تقصِّياً، والنَّعت من الواصف تألُّفاً، قلَّ شهداؤه وكثر خصماؤه، وخفَّت المؤونة على مجاوبيه في دعواه، وسُهلت مناسبة الأدْنياء له في معناه. لأنَّ أغلظ المحن ما عُرض على المشهود فأزاله، وتصفَّحه المعقول فأحاله.
وأضعف العلل ما التُمس بعد المعلول، ونصبت له علماً على الموجود بعد الوجود. وإذا تقدَّم المعلول علَّته والمخبر عنه خبره، استُغنى عن الحاكم، وظهر عُوار الشَّاهد.
فقد رأيتك أطنبت بإحماد هذا الصِّنف من الناس، وحكمت بفضيلة هذه الطبقة من الخَلْق، فعلمت أنّ فرط الإعجاب من القائل متى وافق صناعة المادح رسخ في التركيب هواه، ورسبتْ في القلوب أوتاده، واشتدَّ على