الرسائل للجاحظ (صفحة 546)

ومعاوية أحد الأئمّة، فلما لم يقع عنده ما رأى من الكلام موقع يقينٍ، وإنَّما حلَّ محلَّ ظنٍّ وحسبان، لم يقضِ به ولم يوجبْه، ولو أوجبه لحدَّ عليه.

وكان معاوية يؤتى بالجارية فيجرِّدها من ثيابها بحضرة جلسائه، ويضع القضيب على ركبها، ثم يقول: إنَّه لمتاعٌ لو وجد متاعاً! ثم يقول لصعصعة بن صوحان: خذها لبعض ولدك، فإنّها لا تحلُّ ليزيد بعد أن فعلت بها ما فعلت.

ولم يكن يُعدم من الخليفة ومن بمنزلته في القدرة والتأتِّي أن تقف على رأسه جارية تذبُّ عنه وتروِّحه، وتعاطيه أخرى في مجلسٍ عامٍّ بحضرة الرجال.

فمن ذلك حديث الوصيفة التي اطلَّعت في كتاب عبد الملك بن مروان إلى الحجّاج وكان يُسرُّه، فلما فشا ما فيه رجع على الحجّاج باللَّوم وتمثَّل:

ألم ترَ أنَّ وشاة الرجا ... ل لا يتركون أديماً صحيحاً

فلا تُفشِ سرَّك إلاَّ إليك ... فإنَّ لكلِّ نصيحٍ نصيحا

ثم نظر فوجد الجارية كانت تقرأ فنمَّت عليه.

ومن ذلك حديثه حين نعس فقال للفرزدق وجرير والأخطل: من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015