فلما ابتنى بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أولم، ودعا المهاجرين والأنصار، فلمَّا دخل عليُّ بن أبي طالب عليه السلام قصد لبيت حجلتها، فرفع السِّجف ونظر إليها فقال:
فأقسمت لا تنفكُّ عيني سخينةً ... عليك ولا ينفكُّ جلدي أصفرا
فخجلت فأطرقت، وساء عمر رضي الله عنه ما رأى من خجلها وتشوُّرها عند تعيير عليٍّ إياها بنقض ما فارقت عليه زوجها، فقال: يا أبا الحسن، رحمك الله، ما أردت إلى هذا؟ فقال: حاجةٌ في نفسي قضيتها.
هذا. وأنتم تروون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أغير الناس، وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: " إني رأيت قصراً في الجنة فسألت: لمن هذا القصر؟ فقيل: لعمر بن الخطاب. فلم يمنعني من دخوله إلاّ لمعرفتي بغيرتك ". فقال عمر رضي الله عنه: وعليك يُغارُ يا نبيَّ الله!.
فلو كان النظر والحديث والدُّعابة يُغار منها، لكان عمر المقدَّم في إنكاره؛ لتقدُّمه في شدَّة الغيرة. ولو كان حراماً لمنع منه؛ إذ لا شكَّ في زهده وورعه وعلمه وتفقُّهه.
وكان الحسن بن علي عليهما السلام تزوَّج حفصة ابنة عبد الرحمن، وكان المنذر بن الزُّبير يهواها، فبلغ الحسن عنها شيء فطلَّقها، فخطبها المنذر فأبت أن تتزوَّجه وقالت: شهَّرني!. وخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب