الرسائل للجاحظ (صفحة 523)

فلمَّا صار الرجل إلى منزله فعل ما أمره به، وجعلت الجارية تعلو وتستفل، فقالت: يا مولاي، من علَّمك هذا النَّيك؟ قال: فلانٌ المكفوف. قالت: يا مولاي، ردّ الله عليه بصره!.

18 - قال: كانت امرأة من قريش شريفةً ذات جمال رائعٍ ومال كثير، فخطبها جماعةٌ وخطبها رجلٌ شريفٌ له مالٌ كثير، فردّته وأجابت غيره، وعزموا على الغدُوِّ إلى وليّها ليخطبوها، فاغتمَّ الرجل غمّاً شديداً، فدخلت عليه عجوزٌ من الحيّ فرأتْ ما به وسألته عن حاله فأخبرها، وقالت: ما تجعل لي إنْ زوّجتُك بها؟ قال: ألف درهم. فخرجتْ من عنده ودخلت عليها، فتحدَّثتْ عندها مليّاً وجعلتْ تنظر في وجهها وتتنفَّس الصُّعداء، ففعلت ذلك غير مرَّة، فقالت الجارية: ما شأنك يا خالة، تنظرين في وجهي وتنفَّسين؟ قالت: يا بُنيّة، أرى شبابك، وما أنعم الله عليك به من هذا الجمال، وليس يتمُّ أمر المرأة إلاَّ بالزَّوْج، وأراك أيِّماً لا زوج لك. قالت: فلا يغُمَّك الله، قد خطبني غير واحدٍ وقد عزمت على تزويج بعضهم. قالت: فاذكري لي من خطبك. قالت: فلان. قالت: شريفٌ، ومن؟ قالت: فلان. قالت: شريف، فما يمنعك منه؟ قالت: وفلانٌ - لصاحبها - قالت: أُفٍّ أفّ، لا تريدينه. قالت: وماله أليس هو شريفاً كثير المال؟ قالت: بلى، ولكن فيه خصلةً أكرهها لك. قالت: وما هي؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015