الرسائل للجاحظ (صفحة 521)

للعمرة مع أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فلمَّا رجعنا فكُنَّا بالعرْج نظر إليّ زوجي ونظرت إليه، فأعجبه منيّ ما أعجبني منه فواثبني، ومرَّت بنا عيرُ عثمان فقبعت قبعةً وأدركني ما يصيب بنات آدم، فنفرت العير - وكانت خمس مائة - فما التقى منها بعيران إلى الساعة.

والقبْع: النَّخير عند الجماع. والغربلة: الرَّهز. كذاك تسمِّيه أهل المدينة.

ويقال إن حُبَّي علَّمت نساء المدينة القبْع والغربلة.

13 - قال: وكانت خُليدة امرأةً سوداء ذات خَلْق عجيب، وكان لها دارٌ بمكة تكريها أيام الحاجّ، فحجَّ فتىً من أهل العراق فاكترى منزلها، فانصرف ليلةً من المسجد وقد طاف فأعيا، فلما صعد السَّطح نظر إلى خليدة نائمة في القمر، فرأى أهيأ النّاس وأحسنه خَلْقاً، فدعتْه نفسه إليها فدنا منها، فتركته حتى رفع برجليها فتابعتْه وأرتْه أنها نائمة، فناكها، فلمَّا فرغ ندم فجعل يبكي ويلطم وجهه، فتعاربت وقالت: ما شأنك؟ لسعتك حيّة؟ لدغتْك عقرب؟ ما بالك تبْكي؟ قال: لا والله ولكنِّي نكتك وأنا محرم. قال: فتنيكني وتبكي؟ أنا والله أحقُّ بالبكاء منك. قمْ يا أرعن!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015