8 - وقال: اشترى بعض ولاة العراق قينةً بمالٍ كثير، فجلس يوماً يشرب وأمرها أن تغنِّيه، فكان أوّل صوتٍ تغنَّت به:
أروح إلى القصَّاص كلَّ عشيَّةٍ ... أرجِّي ثواب الله في عدد الخُطى
فقال للخادم: يا غلام، خذْ بيد هذه الزَّانية فادفعْها إلى أبي حزْرة القاصّ. فمضى بها إليه فلقيه بعد ذلك، فقال: كيف رأيت تلك الجارية؟ فقال: ما شئت أصلحك الله، غير أنّ فيها خصلتين من صفات الجنة! قال: ويلك ما هما؟ قال: البرد، والسِّعة.
9 - قال: علق رجلٌ من أهل المدينة امرأةً فطال عناؤه بها حتّى ظفر بها، فصار بها إلى منزل صديقٍ له مغنٍّ، ثم خرج يشتري ما يحتاج إليه، فقالت له: لو غنَّيت لي صوتاً إلى وقت مجي صديقك!.
فأخذ العود وتغنَّى:
من الخفرات لم تفضحْ أخاها ... ولم ترفعْ لوالدها شنارا
قال: فأخذت المرأة خُفَّها ولبستْ إزارها وقالت: ويلي ويلي، لا والله لا جلست! فجهد بها فأبتْ وصاحت، فخشي الفضيحة فأطلقها. وجاء الرجل فلم يجدْها، فسأله عنها فقال: جئتني بمجنونة؛ قال: ما لها ويلك؟ قال: سألتْني أن أغنِّيها صوتاً ففعلت، فضربت بيدها إلى خفِّها وثيابها فلبستْ وقامت تولول، فجهَدْتُ أن أحبسها فصاحت فخَّليتها. قال: وأيِّ شيء غنَّيتها؟ فأخبره، فقال: لعنك الله! حُقَّ لها أن تهرب!.