الرسائل للجاحظ (صفحة 496)

قتلته هند، والغمر بن ضرار قتلتْه جُمْل. هؤلاء من أحصينا، ومن لم نذكر أكثر.

قال (صاحب الغلمان) : لو نظر كثيِّر وجميلٌ وعروة، ومن سميِّت من نظرائهم، إلى بعض خدم أهل عصرنا ممن قد اشتُرى بالمال العظيم فراهة وشطاطاً ونقاء لون، وحُسن اعتدالٍ، وجودة قدٍّ وقوام، لنبذوا بُثينة وعزّة وعفْراء من حالقٍ، وتركوهُنَّ بمزجر الكلاب. ولكنك احتججت علينا بأعرابٍ أجلافٍ جُفاة، غُذُوا بالبؤس والشَّقاء ونشؤوا فيه، لا يعرفون من رفاعة العيش ولذَّات الدنيا شيئاً، إنّما يسكنون القفار، وينفرون من الناس كنفور الوحش، ويقتاتون القنافذ والضِّباب، وينقُفُون الحنظل، وإذا بلغ أحدهم جُهده بكى على الدِّمنة ونعت المرأة، ويشبّهها بالبقرة والظَّبية، والمرأة أحسن منهما. نعم حتَّى يشبِّهها بالحيّة، ويسِّميها شوهاء وجرباء، مخافة العين عليها بزعمه.

فأمّا الأدباء والظرفاء فقد قالوا في الغلمان فأحسنوا، ووصفوهم فأجادوا، وقدّموهم على الجواري، في الجدّ منهم والهزل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015