الرسائل للجاحظ (صفحة 410)

كذا وكذا، وكذلك قال " أحسن الخالقين " وقال " تَخْلُقُون إفْكاً " وقال: " وإذْ تخلُقُ من الطِّين كهيئة الطَّيْر " فقالوا: صنعه وجعله وقدَّره وأنزله، وفصَّله وأحدثه، ومنعوا خَلَقه. وليس تأويل خلقه أكثر من قدَّره. ولو قالوا بدل قولهم قدَّره ولم يخلُقْه: خلقه ولم يقدِّره، ما كانت المسألة عليهم إلاَّ من وجهٍ واحد.

والعجب أنَّ الذي منعه بزعمه أنْ يزعم أنَّه مخلوقٌ أنَّه لم يسمع ذلك من سلفه وهو يعلم أنَّه لم يسمع أيضاً عن سلفه أنّه ليس بمخلوق. وليس ذلك بهم، ولكن لما كان الكلام من الله يقال عندهم على مثل خروج الصَّوت من الجوف، وعلى جهة تقطيع الحروف وإعمال اللِّسان والشَّفتين، وما كان على غير هذه الصُّورة والصِّفة فليس بكلام.

ولما كنّا عندهم على غير هذه الصفة، وكنا لكلامنا غير خالقين، وجب أنَّ الله عز وجلَّ لكلامه غير خالق، إذ كنَّا خالقين لكلامنا. فإنَّما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015