الرسائل للجاحظ (صفحة 405)

أنفسهم بقتلهم، ونالوا ما أحبُّوا فيهم. أتدلُّ على نصبٍ وسوء رأي وحقدٍ وبغْضاء ونفاق، وعلى يقينٍ مدخول وإيمان ممزوج، أم تدلُّ على الإخلاص وعلى حبِّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحفظ له، وعلى براءة السَّاحة وصحّة السَّريرة؟ فإن كان على ما وصفنا لا يعدو الفسق والضَّلال - وذلك أدنى منازله - فالفاسق معلونٌ، ومن نهى عن لَعْن الملعون فملعون.

وزعمت نابتة عصرنا، ومبتدعة دهرنا، أنَّ سبَّ ولاة السُّوء فتنة، ولعن الجورة بدعة، وإنْ كانوا يأخذون السَّميَّ بالسَّميِّ، والوليَّ بالوليِّ، والقريب بالقريب، وأخافوا الأولياء، وآمنوا الأعداء، وحكموا بالشفاعة والهوى، وإظهار القدرة، والتهاون بالأمَّة، والقمع للرعيّة، وأنهم في غير مداراة ولا تقيّة، وإنْ عدا ذلك إلى الكفر، وجاوز الضَّلال إلى الجحد، فذاك أضلُّ لمن كفَّ عن شتْمهم والبراءة منهم.

على أنَّه ليس من استحقَّ اسم الكفر بالقتل كمن استحقَّه بردِّ السنَّة وهدم الكعبة. وليس من استحقَّ الكفر بالتشبيه كمن استحقَّه بالتجوير.

والنَّابتة في هذا الوجه أكفر من يزيد وأبيه، وابن زيادٍ وأبيه.

ولو ثبت أيضاً على يزيد أنَّه تمثَّل بقوله ابن الزِّبعْري:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015