فهذه أوَّلُ كفرةٍ كانت في الأمة.
ثم لم تكن إلاَّ فيمنْ يدَّعي إمامتها، والخلافة عليها.
على أن كثيراً من أهل ذلك العصر قد كفروا بترك إكفاره. وقد أربتْ عليهم نابتة عصرنا، ومبتدعة دهرنا فقالت: لا تسبُّوه فإنَّ له صُحبة؛ وسبُّ معاوية بدعة، ومن يبغضْه فقد خالف السُّنَّة.
فزعمت أنَّ من السُنّة ترك البراءة ممن جحد السُنَّة.
ثم الذي كان من يزيد ابنه ومن عُمَّاله وأهل نُصرته، ثم غزو مكّة، ورمي الكعبة، واستباحة المدينة، وقتل الحسين عليه السلام في أكثر أهل بيته مصابيح الظلام، وأوتاد الإسلام؛ بعد الذي أعطى من نفسه من تفريق أتْباعه، والرجوع إلى داره وحرمه، أو الذَّهاب في الأرض حتى لا يُحسَّ به، أو المقام حيث أمر به، فأبوا إلاَّ قَتْله والنُّزول على حكمهم.
وسواء قتل نفسه بيده، أو أسلمها إلى عدوِّه وخيَّر فيها من لا يبرد غليله إلاَّ بُشرْب دمه.
فاحسبوا قتله ليس بكفر، وإباحة المدينة وهتك الحُرمة ليس بحجَّة، كيف تقولون في رمْي الكعبة، وهدم البيت الحرام، وقبْلة المسلمين؟ فإنْ قلتم: ليس ذلك أرادوا، بل إنما أرادوا المتحرِّز به والمتحصِّن بحيطانه. أفما كان من حقِّ البيت وحريمه أن يحصروه فيه إلى أن