إلى أبي الوليد محمد بن أحمد بن أبي داود
بسم الله الرحمن الرحيم
أطال الله بقاءك وحفظك، وأتمَّ نعمته عليك، وكرامته لك.
قد عرفت - أكرمك الله - ما كان الناس فيه من القول بالتشبيه والتعاون عليه والمعاداة فيه، وما كان في ذلك من الإثم الكبير والفرْية الفاحشة، وما كان لأهله من الجماعات الكثيرة والقوة الظاهرة، والسلطان المكين، مع تقليد العوامِّ وميل السَّفلة والطَّغام.
وليست للخاصة قوّة بالعامة، ولا للعيلة قوة على الأراذل؛ فقد قالت الأوائل فيهم، وفي الاستعاذة بالله منهم: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: نعوذ بالله من قومٍ إذا اجتمعوا لم يُملكوا، وإذا تفرقوا لم يُعرفوا.
وقال واصل بن عطاء: " ما اجتمعوا إلا ضَرُّوا، ولا تفرَّقوا إلا نفعوا " فقيل له: قد عرفنا مضرّة الاجتماع، فما منفعة الافتراق؟ قال: يرجع الطَّيَّان إلى تطيينه، والحائك إلى حياكته، والملاح إلى ملاحته، والصَّائغ إلى صياغته، وكلُّ إنسانٍ إلى صناعته. وكلُّ ذلك مرفقٌ للمسلمين، ومعونة للمحتاجين.
وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إذا نظر إلى الطَّغام والحَشْو قال: " قبح الله هذه الوجوه، لا تُعرف إلا عند الشرّ ".