إثماً. وجميع أهل السعادة إما سالمٌ من ذنب، وإما تاركٌ إصرار. ومن رغب عن التمادي فقد نال أحد المغنمين، ومن خرج من السعادة فلا غاية له إلا دار الندوة. وسواءٌ - جُعلت فداك - ظلمت بالبطش والغشم، أو ظلمت بالدَّحس والدَّسّ. فشاور لبك، وناظر حزمك، وقف قبل الوثبة، واحذر زلة العالم.
وقد قال صاحبكم: من استشار الملالة وقلد طبيعته الاستطراف، وجعل الخطوة ذنبا، والذنب ذنوباً، ومقدار الطَّرفة إصراراً، والصَّغير كبيرا، والقليل كثيرا، عاقب على المتروك الذي لا يُعبأ به، وبلغ بالبطش إلى حيث لا بقيَّة معه، ورأى أن القطيعة التي لا صلة معها، والتخليج الذي لا تجمُّل معه، الحزم المحمود؛ وأن الاعتزام في كل موضعٍ هو الرأي الأصيل.
وقال أيضاً: من كانت طبيعته مأمونة عليه عند نفسه، وكان هواه رائده الذي لا يكذبه، والمتأمِّر عليه دون عقله، ولم يتوكل لما لا يهواه على