الرسائل للجاحظ (صفحة 242)

الغرّة. والأناة وإن طالت فليست من جنس الريث، وانتهاز الفرصة وإن كان في غاية السرعة فليس من جنس العجلة.

وربت كلمة لا توضع إلا على معناها الذي جُعلت حظَّه، وصارت هي حقه والدالَّة عليه دون غيره، كالحزم والعلم، والحلم والرفق، والأناة والمداراة، والقصد والعدل وكالانتهاز والاهتبال، وكاليأس والأمل، وكالخرق والعجلة، والمداهنة والتسرع، والغلو والتقصير.

وربت كلمةٍ تدور مع خُلتَّها، وتتقلب مع جارتها، وعلى قدر ما تقابل من الحالات، وتلاقي من الأسباب، كالحب والبغض، والغضب والرضا، والعزم والإرادة، والإقبال والإدبار، والجدّ والفتور؛ لأن هذا الباب الأخير يكون في الخير والشر، ويكون محموداً ويكون مذموماً.

وصاحب العجلة - أعزك الله - صاحب تغريرٍ ومخاطرة، إن ظفر لم يحمده عالمٌ، وإن لم يظفر قطعته الملاوم. والريث أخو المعجزة، ومقرون بالحسرة، وعلى مدرجة اللائمة. وصاحب الأناة إن ظفر نغع غيره بالغنم، ونفع نفسه بثمرة العلم، وأطاب ذكره دوام شكره، وحفظ فيه ولده. وإن حُرِم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015