ومنهم: جُليبِيب الذي تحدثت الرواة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزاةٍ فقال لأصحابه: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نفقد فلاناً وفلاناً. ثم خرج فقال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نفقد فلاناً وفلاناً. ثم خرج فقال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا في الثالثة: لا. قال: لكني أفقد جُليبيباً، اطلبوه. فطلبوه بين سبعةٍ قد قتلهم ثم قُتِل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قتل سبعةً ثم قتلوه. هذا منِّي وأنا منه ". قال: ثم حمله على ساعديه حتى حفروا له، ما له سريرٌ غير ساعدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ولم يذكروا غُسْلاً.
ومنهم: فرجٌ الحجَّام وكان من أهل العدالة، والمقدَّمين في الشَّهادة. أعتقه جعفر بن سليمان؛ وذلك أنه خدمه دهراً يصلح شاربه ولحيته ويهيئه، فلم يره أخطأ في قولٍ ولا عمل، فقال: والله لأمتحنَّنه، فإن كان ما أرى منه عن تدبيرٍ وقصدٍ لأعتقنه ولأزوَّجتَّه ولأغنينَّه. وإن كان على غير ذلك عرفتُ الصنع فيه. فقال له ذات يوم وهو يحجمه: يا غلامُ، أتحتجم؟ قال: نعم. قال: ومتى؟ قال: عند الحاجة. قال: وتعرفُ ذلك؟ قال: أعرفُ أكثره وربما غلِطت. قال: فأيَّ شيء تأكل؟ قال: أمَّا الشتاء