الرسائل للجاحظ (صفحة 1329)

أركان: نار يابسة حارة، وماء بارد سيال، وأرض باردة يابسة، وهواء حار رطب. ليس منها شيء مع مزاوجته لخلافه إلا وهو محي مبق. على أن النار نقمة الله من بين جميع الأصناف، وهي أسرعهن إتلافاً لما صار فيها. وأمحقهن لما دنا منها.

هذا كله ثمرة الكبر، ونتاج النية. والتكبر شر من القسوة، كما أن القسوة شر المعاصي. والتواضع خير الرحمة، كما أن الرحمة خير الطاعات.

والكبر معنىً ينتظم به جماع الشر، والتواضع معنىً ينتظم به جماع الخير، والتواضع عقيب الكبر، والرحمة عقيب القسوة. فإذا كان للطاعة قدر من الثواب فلتركها وعقيبها، ولما يوازنها ويكايلها، مثل ذلك القدر من العقاب. وموضع الطاعة من طبقات الرضا، كموضع تركها من طبقات السخط إذ كانت الطاعة واجبة، والترك معصية.

والكبر من أسباب القسوة. ولو كان الكبر لا يعتري إلا الشريف والجميل، أو الجواد، أو الوفي أو الصدوق، كان أهون لأمره، وأقل لشينه، وكان يعرض لأهل الخير، وكان لا يغلط فيه إلا أهل الفضل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015