الرسائل للجاحظ (صفحة 1314)

عقله، المختلس لبه، المستطار جنانه، المعدوم بيانه، في الظهور بعد الفضائل التي أوجدناكها في البطون، إما قياساُ، وإما اختياراً، وإما ضرورة، وإما اختباراً وإما اكتساباً، أو في كتاب منزل، أو سنة مأثورة، أو عادة محمودة، أو صلاح على خير.

أم هل لك في مقالتك من إمام تأتم به، أو أستاذ تقتفى أثره، وتهتدي بهداه، وتسلك سننه.

فصل منه

وقد حضتني عليك عند انتهائي إلى هذا الموضع رقة، وتداخلتني لك رحمة، ووجدت لك بقية في نفسي؛ لأنه إنما يرحم أهل البلاء.

والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به، وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلاً.

فرأيت أن أختم بأبسط الدعاء لك كتابي، وأن أحرز به أجري وثوابي، ورجوت أن تنيب وترجع بعد الجماح واللجاج، فإن للجواد استقلالاً بعد الكبوة، وللشجاع كرة بعد الكشفة، وللحليم عطفةً بعد النبوة.

وأنا أقول: جعلنا الله وإياك ممن أبصر رشده، وعرف حظه، وآثر الإنصاف واستعمله، ورفض الهوى وأطرحه؛ فإن الله تعالى لم يبتل بالهوى إلا من أضله، ولم يبعد إلا من استبعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015