الرسائل للجاحظ (صفحة 1272)

ثم انظر في شأن ذوات البيض وذوات الأولاد فإنك سترى في دار خمسين دجاجة وديكاً واحداً، ومن الإبل الهجمة وفحلاً واحداً، ومن الحمير العانة وعيراً واحداً. فلما حصلوا كل مئناث وكل مذكار، فوجدوا آل أبي طالب قد برعوا على الناس وفضلوهم، عرف الناس موضع الفضيلة له والخصوصية.

وفي ولد أبي طالب - أيضاً - أعجوبة أخرى؛ وذلك أنه لم يوجد قط في أطفالهم طفل يحبو، بل يزحف زحفاً لئلا ينكشف منه عن شيء يسوءه، ليكون أوفر لبهائه، وأدل على ما خصوا به.

ولهم من الأعاجيب خصلة أخرى: وذلك أن عبيد الله بن زياد قتل الحسين في يوم عاشوراء، وقتله الله يوم عاشوراء في السنة الأخرى.

وقالوا: لا نعلم موضع رجل من شجعان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان له من عدد القتلى ما كان لعلي رضوان الله عليه، ولا كان لأحد مع ذلك من قتل الرؤساء والسادة، والمتبوعين والقادة، ما كان لعلي بن أبي طالب. وقتل رئيس واحد، وإن كان دون بعض الفرسان في الشدة، أشد؛ فإن قتل الرئيس أرد على المسلمين وأقوى لهم من قتل الفارس الذي هو أشد من ذلك السيد.

وأيضاً أنه قد جمع بين قتل الرؤساء وبين قتل الشجعان.

وله أعجوبة أخرى؛ وذلك أنه مع كثرة ما قتل وما بارز، وما مشى بالسيف إلى السيف، لم يجرح قط ولا جرح إنساناً إلا قتله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015