الرسائل للجاحظ (صفحة 1238)

وأنت ركين وأنا عجول. وأنت تدبر نفسك وتقيم أود غيرك، وتتسع لجميع الرعية، وتبلغ بتدبيرك أقصى الأمة. وأنا أعجز عن تدبيري وعن تدبير أمتي وعبدي. وأنت منعم وأنا شاكر، وأنت ملك وأنا سوقة. وأنت مصطنع وأنا صنيعة، وأنت تفعل وأنا أصف. وأنت متقدم وأنا تابع، وأنت إذا نازعت الرجال وناهضت الأكفاء لم تقل بعد فراغك وانقطاع كلامك: لو كنت قلت كذا لكان أجود، ولو تركت قول كذا كان أحسن. وأمضيت الأمور على حقائقها، وسلمت إليها أقساطها، على مقادير حقوقها، فلم تندم بعد قول، ولم تأسف بعد سكوت. وأنا إن تكلمت ندمت، وإن جاريت أبدعت.

فصل منها

وقد منحتك جلد شبابي كملاً؛ وغرب نشاطي مقتبلا، فكان لك مهناه، وثمرة قواه، واحتملت دونك عرامه وغربه، فكان لك غنمه وعلي غرمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015