فصل منه
وقد زعم آخرون أن المعارف ثمانية أجناس: واحد منها اختيار، وسبعة منها اضطرار. فخمسة منها درك الحواس الخمس، ثم المعرفة بصدق الأخبار، كالعلم بالقرى والأمصار، والسير والآثار، ثم معرفة الإنسان إذا خاطب صاحبه أنه موجه بكلامه إليه، وقاصد به نحوه.
وأما الاختيار فكالعلم بالله ورسوله، وتأويل كتبه، والمستنبط من علم الفتيا وأحكامه، وكل ما كان فيه الاختلاف والمنازعة. وكان سبيل علمه النظر والفكرة. ورئيس هؤلاء أبو إسحاق.
وزعم معمر أن العلم عشرة أجناس: خمسة منها درك الحواس، والعلم السادس كالسير الماضية والبلدان القائمة، والسابع: علمك بقصد المخاطب إليك وإرادته إياك، عند المحاورة والمنازعة. وقبل ذلك: وجود الإنسان لنفسه، وكان يجعله أول العلوم، ويقدمه على درك الحواس. وكان يقول: ينبغي أن يقدم وجود الإنسان لنفسه على وجوده لغيره. وكان يجعله علماً خارجاً من درك الحواس؛ لأن الإنسان لو كان أصم لأحس نفسه ولم يحس صوته، ولو كان أخشم لأحس نفسه ولم يحس رائحته. وكذلك سبيل المذاقات والملامس. فلما كان المعنى