وقد يجيء خبرٌ أخصُّ من هذا، يحمله الرجل والرجلان ممن يجوز أن يَصدق ويجوز أن يكذب، فصدق هذا الخبر في قلبك إنما هو بحسن الظن بالمخبر، والثقة بعدالته. ولن يقوم هذا الخبر من قلبك ولا قلب غيرك مقام الخبرين الأولين أبداً. ولو كان ذلك كذلك بطل التصنع بالدِّين واستوى الظاهر والباطن من العالمين.
ولما أن كان موجوداً في العقول أنه قد يفتش بعض الأمناء عن خيانةٍ، وبعض الصادقين عن كذبٍ، وأن مثل الخبرين الأولين لم يتعقب الناس في مثلهما كذباً قطُّ، علم أن الخبر إذا جاء من مثلهما جاء مجيء اليقين، وأن ما علم من خبر الواحد فإنما هو بحسن الظن والإئتمان.
فهذه الأخبار عن الأمور التي تدركها الأبصار.
فأما العلم بما غاب مما لا يدركه أحدٌ بعيان، مثل سرائر القلوب