ولو كنا إذا قلنا: عيسى روح الله وكلمته، وجب علينا في لغتنا أن يجعله الله ولداً، ونجعله مع الله تعالى إلهاً، ونقول: إن روحاً كانت في الله فانفصلت منه إلى بدن عيسى وبطن مريم.
فكنا إذا قلنا: إن الله سمى جبريل روح الله وروح القدس، وجب علينا أن نقول فيه ما يقولون في عيسى. وقد علمتم أن ذلك ليس من ديننا، ولا يجوز ذلك بوجه من الوجوه عندنا، فكيف نظهر للناس قولاً لا نقوله، وديناً لا نرتضيه.
ولو كان قوله جل ذكره: " فنفخنا فيه من روحنا " يوجب نفخاً كنفخ الزق، أو كنفخ الصائغ في المنفاخ، وأن بعض الروح التي كانت فيه انفصلت فاصلة إلى بطنه وبطن أمه، لكان قوله في آدم يوجب له ذلك؛ لأنه قال: " وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله ". . إلى قوله: " ونفخ فيه من روحه " وكذلك قوله: " فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ".
والنفخ يكون من وجوه، والروح يكون من وجوه: فمنها ما أضافه إلى نفسه، ومنها ما لم يضفه إلى نفسه. وإنما