الرسائل للجاحظ (صفحة 1041)

صار البصير أكثر خواطر من الأعمى، وصار السميع البصير أكثر خواطر من البصير.

وعلى قدر شدة الحاجة تكون الحركة، وعلى قدر ضعف الحاجة يكون السكون، كما أن الراجي والخائف دائبان، والآيس والآمن وادعان.

وإذا كان الله تعالى لم يخلق عباده في طبع عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا، وآدم أبي البشر، صلوات الله عليهم أجمعين، وخلقهم منقوصين، وعن درك مصالحهم عاجزين، وأراد منهم العبادة، وكلفهم الطاقة، وترك العنان للأمل البعيد، وأرسل إليهم رسله، وبعث فيهم أنبياءه، وقال: " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل "، ولم يشهد أكثر عباده حجج رسله عليهم السلام، ولا أحضرهم عجائب أنبيائه، ولا أسمعهم احتجاجهم، ولا أراهم تدبيرهم لم يكن بد من أن يطلع المعاينين على أخبار الغائبين، وأن يسخر أسماع الغائبين لأخبار المعاندين، وأن يخالف بين طبائع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015