الأولى: قوله: إنهما نسبا من قبلهما إلى الخروج من الإسلام والشرك الأكبر، أفيظن أن قوم موسى لما قالوا: اجعل لنا إلها، خرجوا من الإسلام؟ أفيظن أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قالوا: اجعل لنا ذات أنواط، فحلف لهم أن هذا مثل قول قوم موسى: اجعل لنا إلهاً، أنهم خرجوا من الإسلام؟ أيظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمعهم يحلفون بآبائهم فنهاهم، وقال: " من حلف بغير الله فقد أشرك " 1، أنهم خرجوا من الإسلام؟ إلى غير ذلك من الأدلة التي لا تحصر؛ فلم يفرق بين الشرك المخرج عن الملة من غيره، ولم يفرق بين الجاهل والمعاند.
والكلمة الثانية: قوله: إن المشرك لا يقول: لا إله إلا الله، فيا عجباً من رجل يدعي العلم، وجاي من الشام يحمل كتب فلم 2 تكلم، إذ إنه لا يعرف الإسلام من الكفر، ولا يعرف الفرق بين أبي بكر الصديق وبين مسيلمة الكذاب! أما علم أن مسيلمة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلي ويصوم؟ أما علِم أن غلاة الرافضة الذين حرقهم عليّ يقولونها؟ وكذلك الذين يقذفون عائشة ويكذبون القرآن، وكذلك الذين يزعمون أن جبريل غلط. وغير هؤلاء ممن أجمع أهل العلم على كفرهم، منهم من ينتسب إلى الإسلام، ومنهم من لا ينتسب إليه كاليهود، وكلهم يقولون: لا إله إلا الله؛ وهذا بيِّن عند من له أقل معرفة بالإسلام من أن يحتاج إلى تبيان.
وإذا كان المشركون لا يقولونها، فما معنى باب حكم المرتد الذي ذكر الفقهاء من كل مذهب؟ هل الذين ذكروهم الفقهاء وجعلوهم مرتدين لا يقولونها؟ هذا