الله، وما وصفهم الله أي: علماءهم من الشرك، والإيمان بالجبت والطاغوت، وقولهم للذين كفروا: {هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} 1، لأنه عرف أن كل ما فعلوا لا بد أن تفعله هذه الأمة، وقد فعلتْ.

وإن صعب عليك مخالفة الكبرا، ولم يقبل ذهنك هذا الكلام، فأحضر بقلبك أن كتاب الله أحسن الكتب، وأعظمها بياناً، وأشفى لداء الجهل، وأعظمها فرقاً بين الحق والباطل، والله سبحانه قد عرف تفرق عباده واختلافهم قبل أن يخلقهم، وقد ذكر في كتابه: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً} 2 3. وأحضر قلبك هذه الأصول وما يشابهها في ذهنك، واعرضها على قلبك، فإنه إن شاء الله يؤمن بها على سبيل الإجمال. فتأمل قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} 4، وتكرير هذا الأصل في مواضع كثيرة، وكذلك قوله: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} 5؛ فكل حجة تحتجون بها تجدها مبسوطة في القرآن، وبعضها في مواضع كثيرة. فأحضر بقلبك أن الحكيم الذي أنزل كتابه شفاء من الجهل، فارقاً بين الحق والباطل، لا يليق منه أن يقرر هذه الحجج ويكررها، مع عدم حاجة المسلمين إليها، ويترك الحجج التي يحتاجون إليها، ويعلم أن عباده يفترقون. حاشا أحكم الحاكمين من ذلك!

ومما يهون عليك مخالفة من خالف الحق، وإن كان من أعلم الناس وأذكاهم، وأعظمهم جهلاً 6، ولو اتبعه أكثر الناس، ما وقع في هذه الأمة من افتراقهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015