للداعي إلى الله أن يدعو بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم.
وقد 1 أمر الله رسوليه موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى.
وينبغي للقاضي، أعزه الله بطاعته، لما ابتلاه الله بهذا المنصب، أن يتأدب بالآداب التي ذكرها الله في كتابه الذي أنزل 2 ليبين للناس ما اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يوقنون؛ فمن ذلك: لا يستخفنه الذين لا يوقنون، ويتثبت عند 3 سعايات الفساق والمنافقين ولا يعجل. وقد وصف الله المنافقين في كتابه بأوصافهم، وذكر شعب النفاق لتجتنب ويجتنب أهلها أيضاً. فوصفهم بالفصاحة والبيان وحسن اللسان، بل وحسن الصورة في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} 4 الآية، ووصفهم بالمكر والكذب والاستهزاء بالمؤمنين في أول البقرة، ووصفهم بكلام ذي الوجهين، ووصفهم بالدخول في المخاصمات بين الناس بما لا يحب الله ورسوله في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} 5 الآية، ووصفهم باستحقار المؤمنين والرضى بأفعالهم، ووصفهم بغير هذا في "البقرة" 6 و"براءة" 7 و"سورة القتال" وغير ذلك. كل ذلك 8 نصيحة لعباده ليجتنبوا الأوصاف ومن تلبس بها. ونهى الله نبيه عن طاعتهم في غير موضع.