...
-6- الرسالة السادسة والثلاثون
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، ما ذكرتم من قول الشيخ: كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة، وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة، فهذا من العجب؛ كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مراراً؟
فإن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يكفّر حتى يعرَّف; وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة. ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحجة؛ فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} 1.
وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها. إن أشكل عليكم ذلك فانظروا قوله: صلى الله عليه وسلم في الخوارج: " أينما لقيتموهم فاقتلوهم " 2، وقوله: " شر قتلى تحت أديم السماء " 3، مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد، وهم يظنون