بدعة، وجعلوا المعروف منكراً لقلة أهله وتفردهم في الأعصار والأمصار، وقالوا: " من شذ، شذ في النار " 1، وعرف المتخلفون 2 أن الشاذ ما خالف الحق، وإن كان عليه الناس كلهم إلا واحداً، فهم الشاذون.
وقد شذ الناس كلهم في زمن أحمد بن حنبل إلا نفراً يسيراً، فكانوا هم الجماعة، وكانت القضاة يومئذ والمفتون والخليفة وأتباعهم كلهم هم الشاذون، وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة. ولما لم تحمل ذلك عقول الناس، قالوا للخليفة: يا أمير المؤمنين، أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمفتون على الباطل، وأحمد وحده على الحق، فلم يتسع علمه لذلك، فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل. فلا إله إلا الله، ما أشبه الليلة بالبارحة. انتهى كلام ابن القيم، يا سلامة ولد أم سلامة.
هذا كلام الصحابة في تفسير السواد الأعظم، وكلام التابعين، وكلام السلف وكلام المتأخرين، حتى ابن مسعود ذكر في زمانه أن أكثر الناس فارقوا الجماعة. وأبلغ من هذه الأحاديث المذكورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غربة الإسلام، وتفرق هذه الأمة أكثر من سبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة. فإن كنت وجدت في علمك وعلم أبيك ما يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم والعلماء، وأن عنْزة وآل ظفير والبوادي يجب علينا اتباعهم، فأخبرونا.
كتبه محمد بن عبد الوهاب، وصلى الله على محمد وآله وسلم.