على الإطلاق في قوله: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} 1، فيدل هذا على السجود للأصنام؟ أو يدل على الصلاة في أوقات النهي؟

فإن قلت: ذاك قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البدع، وذكر أن كل بدعة ضلالة، ومعلوم أن هذا حادث من زمن طويل، وأنكره أهل العلم، منهم صاحب الإقناع. وقد ذكر السيوطي فى كتاب الأوائل: أن أول ما حدث التذكير يوم الجمعة لتهيؤ الناس لصلاتها، بعد السبعمائة في زمن الناصر بن قلاوون، فأرنا كلام واحد من العلماء أرخص فيه، وجعله بدعة حسنة؛ فليس عندك إلا الجهل المركب، والبهتان والكذب.

وأما استدلالك بالأحاديث التي فيها إجماع الأمة والسواد الأعظم، وقوله: " من شذ، شذ في النار " 2، و" يد الله على الجماعة " 3، وأمثال هذا، فهذا أيضاً من أعظم ما تلبس به على الجهال، وليس هذا معنى الأحاديث بإجماع أهل العلم كلهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإسلام سيعود غريباً، فكيف يأمرنا باتباع غالب الناس؟ وكذلك الأحاديث الكثيرة، منها قوله: " يأتي على الناس زمان، لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه "، وأحاديث عظيمة كثيرة، يبين صلى الله عليه وسلم أن الباطل يصير أكثر من الحق، وأن الدين يصير غريباً. ولو لم يكن في ذلك إلا قوله صلى الله عليه وسلم: " ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة " 4، هل بعد هذا البيان بيان؟ يا ويلك! كيف تأمر بعد هذا باتباع أكثر الناس؟

ومعلوم أن أهل أرضنا وأرض الحجاز، الذي ينكر البعث منهم أكثر ممن يقر به، وأن الذي يعرف الدين أقل ممن لا يعرفه، والذي يضيع الصلوات أكثر من الذي يحافظ عليها، والذي يمنع الزكاة أكثر ممن يؤديها، فإن كان الصواب عندك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015