من لي بمثل خوارج قد كفّروا ... بالذنب تأويلاً بلا إحسانِ
ثم ذكر في البيت الثاني أن هؤلاء لا يكفّروننا بمحض الإيمان، والخوارج يكفرون بالذنوب. وكلامي هذا تنبيه أن إنكار التوحيد متقدم، وكذلك التكفير لمن اتبعه، وأنت لا تعتقد أن الزمان صلح بعدهم، ولا تعتقد أن المويس وأمثاله أجل وأورع من أولئك الذين كفروا الشيخ وأتباعه. وعد ابن عبد الهادي من كتبه كتاب "الاستغاثة" مجلد، ولفانا من الشام مع مربد. وسببه أن رجلاً من فقهاء الشافعية يقال له ابن البكري عثر على جواب للشيخ في الاستغاثة بالموتى، فأنكر ذلك، وصنف مصنفاً في جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يستغاث الله فيه، وصرح بتكفير الشيخ في ذلك الكتاب، وجعله مستنقصا للأنبياء، وأورد فيه آيات وأحاديث. فصنف الشيخ كتاب "الاستغاثة" رداً على ابن البكري، وقرر فيه مذهب الرسل وأتباعهم، وذكر أن الكفار لم يبلغ شركهم هذا، بل ذكر الله عنهم أنهم إذا مسهم الضر أخلصوا ونسوا ما يشركون. والمقصود أن في زمن الشيخ ممن يدعي العلم والتصنيف مَن أنكر التوحيد، وجعله سباً للأنبياء والأولياء، وكفّر من ذهب إليه، فكيف تزعم أن عبدة قبة الكواز وأمثالها ما أنكروه؟ بل تزعم أنهم قبلوه ودانوا به وتبرؤوا من الشرك، ولا أنكروا إلا تكفير من لا يكفر. وأعظم وأطم: أنكم تعرفون أن البادية قد كفروا بالكتاب كله، وتبرؤوا من الدين كله، واستهزؤوا بالحضر الذين يصدقون بالبعث، وفضلوا حكم الطاغوت على شريعة الله، واستهزؤوا بها مع إقرارهم بأن محمداً رسول الله، وأن كتاب الله عند الحضر؛ لكن كذبوا وكفروا واستهزؤوا عناداً، ومع هذا تنكرون علينا كفرهم، وتصرحون بأن من قال: "لا إله إلا الله" لا يكفر.
ثم تذكر في كتابك أنك تشهد بكفر