نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} 1. فمن نصح نفسه وأهله وعياله، وأراد النجاة من النار، فليعرف شهادة أن لا إله إلا الله؛ فإنها العروة، الوثقى وكلمة التقوى، لا يقبل الله من أحد عملاً إلا بها، لا صلاة ولا صوماً ولا حجاً ولا صدقة، ولا جميع الأعمال الصالحة، إلا بمعرفتها والعمل بها. وهي كلمة التوحيد، وحق الله على العبيد. فمن أشرك مخلوقاً فيها من ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو وليّ، أو صحابي وغيره، أو صاحب قبر أو جني، أو غيره، أو استغاث به، أو استعان به فيما لا يُطلب إلا من الله، أو نذر له أو ذبح له، أو توكل عليه أو رجاه، أو دعاه دعاء استغاثة أو استعانة، أو جعله واسطة بينه وبين الله لقضاء حاجته، أو لجلب نفع أو كشف ضر، فقد كَفَرَ كُفْر عبّاد الأصنام، القائلين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 2، القائلين: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} 3، كما ذكر الله عنهم في كتابه، وهم مخلدون في النار، وإن صاموا وصلوا وعملوا بطاعة الله الليل والنهار، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} 4 الآية، وغيرها من الآيات. وكذلك من ترشح بشيء من ذلك، أو أحب من ترشح له، أو ذب عنه، أو جادل عنه، فقد أشرك شركاً لا يُغفر، ولا يُقبل، ولا تصح منه الأعمال الصالحة، الصوم والحج وغيرها. {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (البينة:6) {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} 5 6، ولا يقبل عمل المشركين.
وقد نهى الله نبيه وعباده عن المجادلة عمن فعل ما دون الشرك من الذنوب