أهل الكتاب من قبلنا في اتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله، قالوا لنا: تنقصتم الأنبياء والصالحين والأولياء. والله تعالى ناصر لدينه ولو كره المشركون.
وها أنا أذكر مستندي في ذلك، من كلام أهل العلم من جميع الطوائف؛ فرحم الله من تدبرها بعين البصيرة، ثم نصر الله ورسوله وكتابه ودينه، ولم تأخذه في ذلك لومة لائم.
فأما كلام الحنابلة: فقال الشيخ تقي الدين، رحمه الله، لما ذكر حديث الخوارج: فإذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه ممن قد انتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة، فيعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة قد يمرق أيضاً، وذلك بأمور، منها: الغلو الذي ذمه الله تعالى، كالغلوّ في بعض المشايخ كالشيخ عدي، بل الغلوّ في عليّ بن أبي طالب، بل الغلوّ في المسيح ونحوه. فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يدعوه من دون الله بأن يقول: يا سيدي فلان أغثني! أو أجرني! أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل. فإن الله أرسل الرسل ليعبد وحده، لا يجعل معه إله آخر.
والذين يجعلون مع الله آلهة، أخرى مثل الملائكة أو المسيح أو العزير أو الصالحين أو غيرهم، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق وترزق، وإنما كانوا يدعونهم، يقولون: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} 1، فبعث الله الرسل تنهى أن يدعى أحد من دون الله، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة. انتهى. وقال في الإقناع، في أول باب حكم المرتد، أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، فهو كافر إجماعاً.
وأما كلام الحنفية: فقال الشيخ قاسم في شرح درر البحار: النذر الذي