خوفاً وطمعاً، ثم منهم من يدعو الملائكة لأجل صلاحهم وقربهم من الله عز وجل ليشفعوا لهم، ويدعو رجلاً صالحاً مثل اللات، أو نبيا مثل عيسى. وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على ذلك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 1، وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} 2. وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليكون الدين كله لله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، والاستغاثة كلها لله، وجميع أنواع العبادة كلها لله. وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة والأنبياء والأولياء يريدون شفاعتهم، والتقرب إلى الله تعالى بهم، هو الذي أحل دماءهم وأموالهم. عرفت حينئذ التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون. وهذا التوحيد هو معنى قولك: "لا إله إلا الله"؛ فإن الإله عندهم هو الذي يقصد لأجل هذه الأمور، سواء كان ملكاً أو نبياً أو ولياً أو شجرة أو قبراً أو جنياً، لم يريدوا أن الإله هو الخالق الرازق المدبر، فإنهم يقرون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك، وإنما يعنون بالإله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ: "السيد"، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى كلمة التوحيد وهي: "لا إله إلا الله". والمراد من هذه الكلمة معناها، لا مجرد لفظها؛ والكفار والجهال يعلمون أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه