الأمر الثاني: وهو توحيد الإلهية، وهو أنه لا يُسجد إلا لله، ولا يركع إلا له، ولا يُدعى في الرخاء والشدائد إلا هو، ولا يُذبح إلا له، ولا يُعبد بجميع العبادات إلا الله وحده لا شريك له، وأن من فعل ذلك في نبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء فقد أشرك بالله، وذلك النبي أو الرجل الصالح بريء ممن أشرك به كتبرؤ عيسى من النصارى، وموسى من اليهود، وعلي من الرافضة، وعبد القادر من الفقراء. وعرفت أن الألوهية هي التي تسمى في زماننا: "السيد" 1، لقوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} 2. فتأمل قول بني إسرائيل مع كونهم إذ ذاك أفضل العالمين لنبيهم: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} يتبين لك معنى الإله، ويزيدك بصيرة قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} 3. فيا سبحان الله! إذا كان الله يذكر عن أولئك الكفار أنهم يخلصون لله في الشدائد، لا يدعون نبياً ولا ولياً، وأنت تعلم ما في زمانك أن أكثر ما بهم الكفر والشرك ودعاء غير الله عند الشدائد، فهل بعد هذا البيان بيان؟
وأما كلام أهل العلم، فقد ذكر في الإقناع، في باب حكم المرتد، إجماع المذاهب كلهم على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، أنه كافر مرتد حلال المال والدم. وذكر فيه أن الرافضي إذا شتم الصحابة فقد توقف الإمام في تكفيره، فإن ادعى أن علياً يُدعى في الشدائد والرخاء 4 فلا شك في كفره 5. هذا معنى كلامه في