وعندما نستعرض الهيكل الوظيفي في عصر الدولة الأيوبية، ندرك أنه يوجد نظام إداري يتسم بالإحكام والتخطيط السليم.
فالدولة يحكمها السلطان عن طريق وزير يمثل قمة السلطنة التنفيذية، ويلي الوزير في المرتبة رؤساء الدواوين المختلفة، وفي كل ديوان العاملون به، وهم على درجات عليا ودنيا، إذن فهم يتبعون التسلسل الإداري في السلطة. ولكل موظف اختصاصات محددة يسير على هداها، وصفات معينة يلزم توافرها فيه، وكانت هناك نظرية الإنابة في العمل فهذا الموظف يحل مكان فلان في وظيفته في حالة غيابه.
وإذا نظرنا للتقسيمات الوظيفية بالمصطلح الحديث من وظائف إدارية أو قيادية، ووظائف فنية أو كتابية، ودرجات عمالية، وجدنا هذا النمط معمولا به في تلك الحقبة من الزمن.
فنحن نعرف أن مصر بلد زراعي، وأن بها بعض الصناعات اللازمة لمواجهة الحروب الصليبية، وكانت بها دار الضرب المصرية لصك النقود.
إذن كانت الوظائف بها أغلبها خاص إما بالزراعة أو بالصناعات الحربية مثل بناء السفن وغيرها، أو بالعمل في صك النقود، وماعدا ذلك فيتعلق بالشئون الاجتماعية العامة.
الوزير:
لم يرد تعريف للوزير في الكتب التي أرخت للدولة الأيوبية على رغم أن هذه الوظيفة كانت موجودة ومسندة إلى رئيس ديوان الإنشاء كالقاضي الفاضل، أو إلى وزير كصفي الدين بن شكر، وبين أيدينا تعريف لهذه الوظيفة، والصفات الواجب توافرها فيمن تسند إليه، كما جاء ذلك في كتاب صدر في عصر الدولة الفاطمية، إذ يقول مؤلفه1: "يجب أن يكون الوزير قيما بجميع أنواع الكتابة وأقسامها، عالما بشروطها وأحكامها، لأن كل ناظر في فن من فنونها إليه يرفع ما ينظر فيه، فلا يجوز أن يكون جاهلا بشيء منه، وأن يكون نافذا في علوم الدين، لأن الدين أساس الملك الذي يبنى عليه أمره".
ويشترط أبن خلف أن يتحلى لوزير بحميد الأخلاق، وأن يتسم بنبيل الصفات، وأن يظهر في سعة المنزل والطعام، والفرش والثياب، وما إلى ذلك، مما يليق بمقامه الخطير.