يبدأ القاضي الفاضل الرسالة بالدعاء كعادته، وهو دعاء قصير، جاء في نهايته: "ولا زالت رايته السوداء بيضاء الخبر، محمرة المخبر في العداة، مسودة الأثر"1 والراية السوداء كما نعرف كانت شعار الخلافة العباسية، وهو هنا يطابق بين هذه الكلمة وكلمة بيضاء، ويكنى في العبارة التالية عن الإنتصار على الأعداء
وينتقل إلى وصف كتاب الخليفة فيشبهه بالقرآن الكريم، وأن السلطان يتقبله بالخشوع، ويتلوه على أعوانه مسترهفاً به لعزائمهم. مستجزلاً به لمغانمهم، فهو بمثابة النور لهم يهديهم يوم نزال عدوهم، ويشبه تأثيره بثلاث جمل مترادفة تؤدي معنى واحداً، فأثر الكتاب فيهم، كالإقتداح في الزند، وكالإنبجاس من الصلد، وكالإستدلال من الغمد2 ويعود إلى التشبيه ثانية فيقول: "وكأنما أعطوا كتاباً من الدهر بالأمان، أو سمعوا منادياً ينادي للإيمان"3. ثم يتبع ذلك بعدة استعارات وكنايات مترادفة يبين فيها مكانة أتباع السلطان في الجهاد في سبيل الله ورسوله وخليفته العباسي وفي آخر هذا الوصف يقول: "وإذا رموا فأصابوا قالوا: ولكن الله رمى"4. محللاً بذلك لآية من القرآن الكريم.
ثم هو يشكو للخليفة على لسان السلطان صلاح الدين من طول المدة والكلف الثقيلة التي يتكبدونها في قتالهم الشرس المرير، ويكنى عن ذلك بهذه العبارات:" فالبرك قد أفضوه، والسلاح قد أخفوه، والدرهم قد أفنوه"5. ويستنجد بالخليفة فيقول: " والخادم يناشد الله المناشدة النبوية في الصيحة البدرية، اللهم إن تهلك هذه العصابة، ويخلص الدعاء، ويرجو على يد أمير المؤمنين الإجابة"6.