يبدأ القاضي الفاضل الرسالة بالدعاء للخليفة الموحدي، وينعته بسيدنا أمير المؤمنين، وسيد العالمين، وقسيم الدنيا والدين.
ثم يبين السلطان صلاح الدين غرضه منها، وهو أن يشترك الخليفة الموحدي معه في الجهاد، ويفتخر بأمجاده في تطهير الأرضين المصرية واليمنية من الضلالة وكذلك تطهيره بيت المقدس من الصليبيين الذين كانوا يحتلونه، ويدنسون أرضه.
فهناك غلب الشرك، وأنقلب صاغراً، واستجاش كافر من أهله كافراً، واستغضب أنفاره النافرة، واستصرخ نصرانيته المتناصرة1.
فهم يجودون بأنفسهم وأولادهم، ويمدون الحملة الصليبية بأموالهم، كل خرج متطوعاً، وأهطع مسرعاً، وأتى متبرعاً، ودعا نفسه قبل أن يستدعى، وسعى إلى حتفها قبل أن يستسعى، حتى ظننا أن في البحر طريقاً يبساً، وحتى تيقنا أن ما وراء البحر قد خلا وعسا2.
وهنا يهجم عليهم جيش السلطان صلاح الدين ويفتك بهم، ويضطرهم إلى اللجوء إلى الخنادق، وإلى نصب الستائر، ولكنه كل ما قتل منهم مائة، وصلت النجدة بألف.
ثم يصف السلطان صلاح الدين خوفه من تكاثر الإمدادات لهم من البلاد الغربية، فيقول: " لا يؤمن على ثغور المسلمين أن يتطرق العدو إليهم وإليها، ويفرغ لها ويتسلط عليها والله من ورائهم محيط.
وإذا قسمت القوة على تلقى القادم وتوقى المقيم، فربما أضر بالإسلام انقسامها، وثلمه والعياذ بالله انثلامها "3.
وهو يمجد قوة المغرب البحرية، فمن ذلك قوله: "فلو بزقت فيهم بازقة غربية لأغرقهم طوفانها، ولو طلعت عليهم جارية بحرية، لنعقت فيهم بالشتات غربانها "4.
وفي نهاية هذه الرسالة يمجد السلطان صلاح الدين الخليفة المغربي، ويستثير العاطفة الدينية فيه، ويعقد مقارنة بين أسطول المسلمين وأسطول الصليبيين، وهو يخشى أن ينتصر الكفر على الإسلام، ويدعو الله أن ينصر المسلمين بما يمدهم الخليفة المغربي من أسطوله البحري، ومدده العسكري.